التجليد على "الطراز الإسلامي": مصطلح مضلل يحتاج لمزيد من البحث

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

يُستخدم المصطلحان "إسلامي" و "غربي" لوصف أنماط مختلفة من أنواع التجليد بيد أن الخبراء يتفقون على أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث المكثف لتقديم فئات أكثر وضوحًا.

يُستخدم المصطلحان "إسلامي" و "غربي" لوصف أنماط مختلفة من أنواع التجليد. وقد ساعدت خصائص معينة تتعلق بالمواد والتقنيات المستخدمة في تجليد الكتب في وضع تعريف لهاتين الفئتين.

إن دراسة هياكل الكتب باعتبارها ناقلة لمعلومات قيمة، بالإضافة إلى المحتوى، هو مجال بحثي جديد نسبيًا. وعلى الرغم من إنتاج العديد من المؤلفات حول هذا الموضوع وإجراء دراسات جديدة من قبل القائمين على صناعة الكتب وعلماء تاريخ الكتب، إلا أن تعريفات كهذه لا تعطي معنى واضحاً ومتفقاً عليه فيما يتعلق بهياكل الكتب.

في الواقع، من المتعارف عليه في مجال دراسات الكتب أن هذه المصطلحات يمكن الاستعاضة عنها بتعاريف أكثر وضوحًا من الناحية الجغرافية والزمنية والتاريخية.

مصطلحات مضلّلة

عند الحديث عن المواد المُنتَّجة خارج العالم الغربي، يعترف بعض المؤرخين الغربيين للكتب والقائمين على صناعة الكتب بمعرفتهم المحدودة في هذا المجال. وبالطبع فإن قلة الخبرة المباشرة في التعامل مع هذه التحف وفحصها ودراستها (بالمقارنة مع خبرتهم الكبيرة في التعامل مع الكتب المعدّة في أوروبا) تسهم حتمًا في اختلال التوازن العام لصالح تفضيل المعرفة المتعلقة بما يسمى التجليد الغربي.

ولذلك فإن استخدام لفظ "إسلامي" لوصف تقنيات زخرفة وصناعة الكتب كثيرًا ما يكون مضلِّلًا.  إذ لن يتم استخدام مصطلح مثل "مسيحية" لتصنيف نمط التجليد لكتاب غربي. لذا يجب أن يكون ذلك هو الحال عند استخدام مصطلح "إسلامي" كتعريف للكتب المعدة في سياق "شرقي".

التجليد على "الطراز الإسلامي"

على الرغم من ذلك، من المفيد أن نفهم ما هو المقصود من مصطلح التجليد على "الطراز الإسلامي" بمعناه الأوسع.

يحدد فرانسوا ديروش، في كتابه المنشور عن علم المخطوطات الإسلامية - المدخل إلى علم الكتاب المخطوط بالحرف العربي، ثلاث فئات رئيسية للتجليد على "الطراز الإسلامي"، والتي تعتبر اليوم السمات الرئيسية لهذا النوع من هيكل الكتب. وقبل تحديد أساليب معينة، من المفيد تقديم بعض المصطلحات الفنية التي يستخدمها الخبراء عند الإشارة إلى الخصائص الفيزيائية للكتب.

مخططات توضح السمات الهيكلية المختلفة لمجلد تم تجليده، داخليًا (من الناحية اليمنى) وخارجيًا (من الناحية اليسرى).
مخططات توضح السمات الهيكلية المختلفة لمجلد تم تجليده، داخليًا (من الناحية اليمنى) وخارجيًا (من الناحية اليسرى).
مصطلحات تجليد الكتاب
مصطلحات تجليد الكتاب

وفيما يلي سمات الأنماط الثلاثة للتجليد على "الطراز الإسلامي": عدم وجود حباكات لخياطة الكتاب (٢) الخياطة التقليدية لحباكات الكتاب (١٣) وألواح الغلاف التي تتلاقى مع حواف كتلة الكتاب (بدون المربعات، كما هو مبين في الشكل ٦). وفي أحد الأنماط، يميز التجليد  وجود غطاء حافة الصدر، إلا أن توافر تلك الخاصية غير ضروريّ في النمطين الآخرين.

حباكات الكتاب: تأمين كتلة الكتاب

حباكات الكتاب، والتي تعد سمة من سمات التجليد الغربي، هي عنصر خياطة الكتاب الذي يساعد على الحفاظ على كتلة الكتاب. تتشكل كتلة الكتاب نفسها من عدد من الأقسام أو الرزم، والتي بدورها تتكون من ألواح من الجلد الرقيق أو الورق، تم طيّها للحصول على ورقتين أو أربع صفحات، كما هو مبين في الرسم البياني أدناه. تربط حباكات الكتاب أيضًا، في بعض الحالات، كتلة الكتاب بالغلاف.

بعد مرورها وسط الأقسام، يتم إحكام الخياطة المستخدمة في إنشاء الروابط بين أقسام الكتاب بالدعامات أو الحباكات. ويمكن تصميم هذه الدعامات من مجموعة من المواد المختلفة مثل الحبال أو الأشرطة الجلدية. ويمكن اعتبارها السمة الرئيسية لطريقة تجليد الكتب على "الطراز الغربي".

لا توجد دعامات أو حباكات في ما يسمى بالتجليد على "الطراز الإسلامي"، حيث يتم ربط مختلف الأقسام التي تشكل كتلة الكتاب من خلال خيوط الخياطة نفسها، التي تشكل سلسلة من الحلقات على طول صلب الكتاب. يحكم هذا الهيكل المخيط تثبيت الأقسام مع بعضها البعض، وبالتالي، الصفحات.

كما هو موضح في الرسم البياني أعلاه والصورة أدناه يتسم "التجليد الإسلامي" بما يلي: صلب الكتاب مستوي (أ)، الألواح تتلاقى مع بقية أجزاء الكتاب (ب)، أسلوب ونمط بارع وبديع للغاية في خياطة حبك الكتاب (ج) وأحيانًا رائدة الغلاف الأمامي (د).

تم قبول هذه الخصائص، على سبيل التطبيق العملي، في مجال دراسات الكتاب كخصائص تدل على ما يسمى "بالتجليد الإسلامي". بيد أن الاستثناءات أصبحت هي القاعدة على نحو متزايد. لذلك يلزم إجراء تقييم متعمق لمجموعات من الكتب لتضييق نطاق هذا التعريف الواسع إلى فئات أكثر فائدة تصف أنماط التجليد المتعلقة بفترات زمنية أو مناطق جغرافية معينة.

الافتقاد للتوازن التاريخي

لطالما توفر للعلماء تاريخ موثّق يُعوّل عليه حول إنتاج الكتب الغربية وتقنيات صناعة  وزخرفة الكتب - استنادًا إلى دراسات منهجية لمجموعات الكتب الكبيرة الموجودة في المؤسسات العامة والخاصة في أوروبا والولايات المتحدة.

وبالنسبة للمواد المعدة خارج هذا النموذج "الغربي"، فمن الأهمية بمكان السعي لإجراء دراسات أكثر منهجية على أنواع المواد والتقنيات المستخدمة وأساليب التجليد المتبعة. كما أن أي دراسة من هذا النوع ستوفر أساسًا حقيقيًا لإنشاء تعاريف جديدة وفئات تعكس تصنيفات حقيقية، مما سيساهم في إثراء المعرفة المتوفرة عن الكتب والمجاميع ويضيف معلومات ضرورية حول تواريخ إنتاجها ونشأتها وقيمتها.