وصف للسير لويس بيلي

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

كان السير لويس بيلي شخصية رئيسية في تاريخ الخليج، نظرًا للدور الذي اضطلع به، باعتباره المقيم السياسي البريطاني، في عقد معاهدات الهدنة البحرية في المنطقة منذ ١٨٦٢ حتى ١٨٧٣.

كان السير لويس بيلي شخصية رئيسية في تاريخ الخليج، نظرًا للدور الذي اضطلع به، باعتباره المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ البريطاني، في عقد معاهدات الهدنة البحرية في المنطقة منذ ١٨٦٢ حتى ١٨٧٣.

في سنة ١٨٩٢، وهي السنة التي حلت فيها "معاهدة السلم الدائم" محل معاهدة الهدنة البحرية لسنة ١٨٥٣، توفى السير لويس بيلي في كورنوال، وكان واحدًا من أهم المقيمين البريطانيين في تاريخ منطقة الخليج. شهدت تلك الفترة نهاية السياسة البريطانية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للخليج، كما كانت بمثابة تغيير صريح في السياسة البريطانية في المنطقة خلال القرن العشرين.

صورة فوتوغرافية لبيلي، ١٨٨٢. (من ب.ن.ف./أوروبيانا)
صورة فوتوغرافية لبيلي، ١٨٨٢. (من ب.ن.ف./أوروبيانا)

سيرته ونشأته


في عمر السادسة عشر، غادر لويس بيلي مينشينهامبتون في جلوستيشاير متجهًا إلى الهند. حذا لويس حذو أبيه، جون هيند بيلي، الذي كان عضوًا في الخدمة المدنية في بومباي، حيث التحق هو وإخوته الأكبر واحدًا تلو الآخر بالكلية التدريبية التابعة لشركة الهند الشرقية، وانطلق في طريقه لخدمة التاج الملكي.

ولد بيلي في ١٤ نوفمبر ١٨٢٥، والتحق بشركة الهند الشرقية في نقطة محورية من حياته حينما كانت بريطانيا، مع انتهاء احتكارها الصارم للتجارة في الشرق الأقصى، في منتصف حرب الأفيون الأولى (١٨٣٩ - ١٨٤٢). قضى بيلي المرحلة الأولى من حياته المهنية يخدم الامبراطورية البريطانية في الهند، مبدئياً في السند (والتي تعد حاليًا إحدى مقاطعات باكستان) حيث خدم تحت إدارة الفريق جون جاكوب.

ومع ذلك، فقد قضى الجزء الأكبر من حياته المهنية في بلاد فارس وعلى ساحليّ الخليج، حيث خدم في البلاط الفارسي خلال الفترة من ١٨٥٩ إلى ١٨٦١ كما شغل منصب المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ في الخليج.

النقيب في ٢٣ نوفمبر١٨٥٦ – شهادة توكيل بيلي لتعيينه كنقيب في ٢٣ نوفمبر١٨٥٦. ص. ٢
النقيب في ٢٣ نوفمبر١٨٥٦ – شهادة توكيل بيلي لتعيينه كنقيب في ٢٣ نوفمبر١٨٥٦. ص. ٢

الهدنة البحرية في الخليج

في سنة ١٨٦٨،  قام بيلي بزيارة البحرين وأبو ظبي وساحل قطر لحماية المصالح البريطانية عن طريق تعزيز معاهدة الهدنة البحرية لسنة ١٨٥٣ عقب سلسلة من الغارات التي شنها أعضاء من القبائل القاطنة في تلك المنطقة. اعتقد بيلي أن تلك الغارات كانت تتم تحت توجيهات حاكم البحرين. وسعيًا منه لحل تلك المُعضِلة، أصر العقيد بيلي على قيام جميع قبائل المنطقة بإعادة تأكيد التزامها بالهدنة البحرية، وحصل من حكام البحرين وقطر وأبو ظبي على إعلانات رسمية موقعة في هذا الصدد.

كان هذا الإعلان، الذي وقّع عليه الشيخ محمد بن ثاني، الحاكم الرئيسي لقبائل قطر، بمثابة أول اعتراف بقطر ككيان مستقل عن البحرين. وفي نهاية الأمر، أصبحت تلك المعاهدة بمثابة نقطة البداية لاعتراف الحكومة البريطانية بقطر كدولة مستقلة ذات سيادة.

التلغراف

تعتبر تمديد شبكة التلغراف الحالية من أهم الأحداث التي وقعت إبان حقبة عمل بيلي كمقيم. في ١٨٦٠، امتدت الخطوط من البصرة إلى بغداد وإلى كبرى مدن فارس مثل شيراز وطهران وبوشهر، إلا أن تلك الشبكات المنفصلة لم تسهل من نقل الرسائل البريطانية عبر الساحل الفارسي. مع بداية تواجده في الخليج، شرع بيلي في استكشاف الطرق المحتملة عبر الساحل الفارسي لتنفيذ ذلك التمديد، حيث استقر في النهاية على طريق ساحلي بين بندر عباس وبندر جاسك.

مٌقتبس من مذكرة بيلي حول تطور الاتصالات البحرية والتلغراف وأثرها على المقيمية السياسية في الخليج العربي، كُتبت في حوالي ١٨٦٠. Mss Eur F126/36، ص. ١٣
مٌقتبس من مذكرة بيلي حول تطور الاتصالات البحرية والتلغراف وأثرها على المقيمية السياسية في الخليج العربي، كُتبت في حوالي ١٨٦٠. Mss Eur F126/36، ص. ١٣

واصل بيلي انتهاج هذا العمل طوال فترة عمله عن طريق استكشاف كل الطرق الممكنة لمد خطوط التلغراف، مساعدة السفن على وضع الكبلات تحت البحر، التفاوض بشأن المعاهدات مع الحكام المحليين لإتاحة الفرصة لوضع الكبلات، وإنشاء محطات التلغراف داخل أراضيهم.

سلطان مسقط

قضى بيلي أغلب فترة عمله في الخليج في تدعيم علاقات الحكومة البريطانية مع سلطان مسقط. وسرعان ما أصبح بيلي حليفًا موثوقًا فيه للسلطان، بل إنه عمل كوسيط في نزاع السلطان المستمر مع حاكم نجد، حيث دعمه بالنصائح والمساندة على صعيد العمليات العسكرية التي قام بها لتأمين حدود مسقط.

بيلي الرحّال

علاوة على الرحلات التي قام بها بيلي كجزء من مهام عمله الرسمية، مثل رحلته عبر أفغانستان في ١٨٦٠، فقد سافر إلى الكثير من أجزاء الخليج، عادةً لمصلحته الشخصية.

وقد سافر تحديدًا إلى عمان وأفغانستان وبلاد فارس والسعودية، حيث زار فيها الرياض، والتي كانت حينها غير معروفة تقريبًا بالنسبة للأوروبيين. ومن خلال المناصب التي شغلها بعد ذلك، انتهز بيلي فرصة عمله في زنجبار ليقوم بزيارة جزر سيشيل وجزر القمر وموزمبيق.

لقد منحته رحلاته بصيرة ومعلومات غزيرة عن الشعوب والتجارة والسياسة في منطقة الخليج وغيرها، وكانت تقاريره وملاحظاته الدقيقة بالغة القيمة بالنسبة للحكومة البريطانية فيما يتعلق باتصالات التلغراف والتجارة والسياسة.

المرحلة الأخيرة من حياته وعمله

على الرغم مما حققه بيلي من تغييرات تصحيحية في منطقة الخليج، فإن عمله السياسي قد امتد إلى أجزاء أخرى من الإمبراطورية البريطانية.

إبان انتهاء عمله كمقيم في الخليج الفارسي، صاحب بيلي السير بارتل فرير في مهمة لمكافحة العبودية في شرق أفريقيا، حيث عمل سابقًا كوكيل سياسي في زنجبار (١٨٦١ - ١٨٦٢). وفي ١٨٧٣، تم إرساله إلى راجبوتانا كوكيل للحاكم العام، كما عمل مندوبًا مفوضًا لبارودا.

استقال بيلي من تلك المناصب وتقاعد عن الخدمة المدنية الهندية في ١٨٧٧ في سن الثلاثة والخمسين. عقب ذلك، التقى بإيمي هنريتا لودير وتزوجها سنة ١٨٧٨، ثم أصبح لاحقًا نائبًا برلمانيًا عن هاكني الشمالية (١٨٨٨ -١٨٩٢). وبعيدًا عن موقفه الداعم لحق المرأة في الانتخاب، وهو الموقف الذي يخالف التوقعات إلى حد ما، عاش بيلي فصلاً أخيرًا رائعًا ومميزًا من حياته المهنية البارزة، ثم توفى في فالماوث بكورنوال في إنجلترا في ٢٢ إبريل ١٨٩٢.