الشيخ الذي فقد مشيخته: خزعل الكعبي، أمير المحمرة

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

سيرة الشيخ خزعل بن جابر بن مرداو الكعبي (١٨٦١-١٩٣٦)، أمير المحمرة وشيخ قبيلة بني كعب.
تفاصيل من خريطة أعدها مكتب الحرب البريطاني عام ١٩٠٨ لبلاد فارس وأفغانستان، تظهر بها المحمرة. IOR/L/PS/10/332،  ص. ٧٧
تفاصيل من خريطة أعدها مكتب الحرب البريطاني عام ١٩٠٨ لبلاد فارس وأفغانستان، تظهر بها المحمرة. IOR/L/PS/10/332، ص. ٧٧

تقع مدينة المحمرة، خرمشهر حاليًا، عند ملتقى نهر قارون بشط العرب في منطقة خوزستان في إيران (وهي ما كان يُعرف في السابق بعربستان). كانت هذه المنطقة تتبع اسميًا للإمبراطورية القاجارية الفارسية، إلا أنها كانت في غالبية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تخضع لحكمٍ شبه مستقل من عائلة الكعبي العربية.

الشيخ خزعل بن جابر بن مرداو الكعبي مرتديًا الزي العسكري والأوسمة التي نالها من الحكومتين البريطانية والفارسية. (ملكية عامة)
الشيخ خزعل بن جابر بن مرداو الكعبي مرتديًا الزي العسكري والأوسمة التي نالها من الحكومتين البريطانية والفارسية. (ملكية عامة)

كان الشيخ خزعل طوال فترة حكمه (١٨٩٧-١٩٢٥) واحدًا من أهم الشخصيات السياسية في الخليج العربي، ومؤيدًا بارزًا لوجود البريطانيين في المنطقة. فعلى الرغم من أن الخليج لم يكن يومًا بشكل رسمي جزءًا من الإمبراطورية البريطانية، إلا أنه كان فعلياً مدمجاً بالنظام الإمبراطوري البريطاني منذ أوائل القرن التاسع عشر. وكانت من أهم الوسائل التي اتبعتها بريطانيا لفرض هيمنتها على المنطقة، هي الاتفاقيات والمعاهدات العديدة التي وقعتها مع شيوخ القبائل والحكام المحليين، ومن بينهم الشيخ خزعل.

قصر الشيخ خزعل، قصر الفيلية في المحمرة، ١٩٢١. (ملكية عامة)
قصر الشيخ خزعل، قصر الفيلية في المحمرة، ١٩٢١. (ملكية عامة)

حرص الشيخ خزعل على توطيد علاقته بالبريطانيين طمعًا في أن يضمن اعترافهم الرسمي بالمحمرة كدولة مستقلة – وبه حاكمًا لها – في حال انهيار الإمبراطورية القاجارية أو الانقلاب عليها.

المحمرة، مايو ١٩١٧ من ألبوم رحلة في الخليج الفارسي (تصوير: القس إدوين أوبري ستورز-فوكس) الذي يحتوي على عدة صور للمدينة في ١٩١٧-١٩١٨. Photo 496/6/40، ٢٠-ب
المحمرة، مايو ١٩١٧ من ألبوم رحلة في الخليج الفارسي (تصوير: القس إدوين أوبري ستورز-فوكس) الذي يحتوي على عدة صور للمدينة في ١٩١٧-١٩١٨. Photo 496/6/40، ٢٠-ب

بعد اكتشاف النفط في خوزستان سنة ١٩٠٨ على يد شركة النفط الأنجلو-إيرانية (التي أصبحت بريتيش بتروليوم فيما بعد)، عزز البريطانيون علاقتهم بالشيخ خزعل. وفي ١٩١٠ منحوه وسام الإمبراطورية الهندية بدرجة قائد فرسان. واجتهد الشيخ خزعل في المقابل في إثبات ولائه للبريطانيين، حيث مثل حليفًا مهمًا لهم طوال الحرب العالمية الأولى، التي نجح خلالها – بدعمٍ عسكري من بريطانيا – في إخماد انتفاضة القبائل الموالية للعثمانيين على أراضيه.

يخت الشيخ خزعل راسيًا خلف قصر الفيلية، ١٩٢٥. (ملكية عامة)
يخت الشيخ خزعل راسيًا خلف قصر الفيلية، ١٩٢٥. (ملكية عامة)

إلا أن جهود الشيخ خزعل للحصول على اعتراف بريطاني رسمي بسيادته على المحمرة ونيل الاستقلال فشلت. فعلى خلاف العائلات الحاكمة للمشايخ الأخرى في الخليج – والتي ما تزال في السلطة اليوم – لم تضمن بريطانيا حكم خزعل في نهاية المطاف. ومع استلام رضا خان (رضا شاه من ديسمبر ١٩٢٥ فما بعد) لمقاليد الأمور وانهيار الإمبراطورية القاجارية، وجد الشيخ خزعل نفسه تحت ضغوطٍ متزايدة. فمنهج التحديث ومركزة السلطة الذي اتبعته الحكومة الجديدة في طهران ما كان ليتقبل استمرار المحمرة بوضعٍ شبه مستقل.

وبعد أن قاد الشيخ خزعل انتفاضةً فاشلة ضد الحكومة الجديدة، أمر رضا خان بإحضاره بالقوة واحتجازه في طهران في أبريل ١٩٢٥. وظل الشيخ خزعل قيد الإقامة الجبرية في العاصمة حتى وفاته في مايو ١٩٣٦. وبعد فقدانهم للسلطة، فرّ العديد من أفراد عائلة الشيخ خزعل، ومن بينهم ابنه عبد الله، إلى الكويت حيث كان الشيخ خزعل يمتلك عقارات هناك. وما يزال الكثير من أحفاده يعيشون هناك حتى يومنا هذا.

الشيخ عبد الله في طفولته (جالسًا في الوسط) مع عددٍ من الحرس (الفداوية)، ١٩٠٨. (ملكية عامة)
الشيخ عبد الله في طفولته (جالسًا في الوسط) مع عددٍ من الحرس (الفداوية)، ١٩٠٨. (ملكية عامة)