عرض عام
ما هي الصلة بين ميلاد ابن لزوجة مدير التعليم في الحكومة البحرينية في سبتمبر ١٩٤٢، زواج مواطنين أمريكيين من الإرسالية الأمريكية في البحرين في أبريل ١٩٠٩، وإعدام رجل من نجد في البحرين في ١٩٣٣ بعد إدانته بارتكاب جريمة قتل؟
تتضمن المذكرات السياسية والمراسلات الرسمية للوكالة في البحرين إشارات كثيرة إلى المواليد، الزيجات والوفيات. في بعض الأحيان، تمت مناقشة هذه الحالات بأعلى درجات الجدية، كما كان هو الحال في قضية إعدام مواطن أجنبي وإحتمالية الفشل الدبلوماسي الناتج عن ذلك، وبسخرية في أحيان أخرى كما يتضح في الملاحظة حول تزامن ميلاد ابن مدير التعليم مع زيارة سرب من طيور اللقلق إلى الجزر البحرينية.
أسباب إصدار مرسوم ملكي بريطاني للبحرين
بغض النظر عن مدى خطورة أحداث كهذه، كان تورط مواطنين أجانب في البحرين العامل المشترك بينهم، حيث أن المواطنون كانوا خاضعين للسلطة القضائية البريطانية. كانت هناك حاجة إلى إصدار "مرسوم ملكي" عن التاج البريطاني من أجل إنشاء محكمة ولتمكين المسؤولين البريطانيين من سن القوانين فيما يتعلق بالمسائل القضائية في البحرين. شغل الكابتن فرانسيس بريدو منصب الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية في البحرين خلال الفترة من ١٩٠٤ إلى ١٩٠٩، وكان واضحًا في رأيه فيما يتعلق بالمتطلبات الأساسية لتعزيز الهيمنة البريطانية. وقد أوصى بإصدار مرسوم ملكي يمنح له سلطة التعامل مع الأمور المدنية، بما في ذلك الأمور المتعلقة بالمواليد والزيجات والوفيات والتصرف في العقارات. وبموجب هذا المرسوم الملكي أيضًا، حصل بريدو على سلطة قاضي المنطقة للفصل في المسائل الجنائية وكذلك سلطة نائب الأميرالية (ولاية قضائية) في المياه الإقليمية للبحرين.
وهكذا، رغم أن السلطة لإصدار شهادات الميلاد والزواج لم تكن تهم المسؤولين البريطانيين في واقع الأمر، بل كانت مجرد مسألة رمزية تهدف إلى تعزيز السلطة البريطانية في البحرين. ومع بداية "اللعبة الكبيرة" (الاسم الذي كان يطلق على التنافس الإمبريالي بين بريطانيا وروسيا من أجل بسط السيادة في وسط آسيا) في الشمال، و"الزحف إلى أفريقيا" في الجنوب، كانت الأهمية الاستراتيجية والتجارية للبحرين في تزايد مستمر.
تأخُّر تنفيذ المرسوم الملكي البريطاني للبحرين
كان المقيم السياسي، الرائد برسي كوكس، متفق مع رأي بريدو بأنه يجب منحه سلطات قضائية واسعة في البحرين بصفته الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية . وقد أرسل كوكس التماسًا إلى جون مورلي، وزير الدولة لشؤون الهند، يوضح فيه صراحة أنه ، نظراً للاهتمام الأجنبي المتزايد بمنطقة الخليج، فمن المستحسن الحفاظ على الوضع الراهن للهيمنة البريطانية في المنطقة عن طريق منح السلطة القضائية على الأجانب للوكيل السياسي في البحرين.
رغم توصيات كوكس وبريدو، تم تأجيل أي جهود رامية إلى تنفيذ مرسوم ملكي للبحرين حتى ١٩٠٩. وفي شهر مايو من نفس العام، في ضوء تقدم ألمانيا في مشروع سكك حديد بغداد، كتب مورلي إلى الحاكم العام في الهند موضحاً له أن 'المنافسة التي تواجهها التجارة في الخليج ليست تجارية فحسب، لكنها سياسية أيضاً. المطالبات البريطانية بالهيمنة السياسية في الخليج مبنية أساسًا على الحقيقة أن مصالحنا التجارية كانت مهيمنة حتى هذه اللحظة، وإذا تعثرت التجارة نتيجة للسياسة التجارية التطلعية لألمانيا، سيؤدي ذلك إلى الاضمحلال النسبي لنفوذنا السياسي'. وقد تواصلت المفاوضات حول المرسوم الملكي البريطاني لائحة يصدرها ملك\ة المملكة المتحدة بناءً على مشورة المجلس الاستشاري الملكي. للبحرين حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى، ومنذ ذلك الحين تم تأجيل التنفيذ مرارًا وتكرارًا حتى ١٩١٩.
تحاشي "الكراهية": عقوبة الإعدام لمواطن أجنبي في البحرين
مع أنه غير محتمل أن تسبب عمليات إصدار شهادات الميلاد والزواج المشاكل للمسؤولين البريطانيين، لكن الجوانب الأكثر جادة للولاية القضائية كانت من الممكن أن تخلق مشاكل لهم. ففيما يتعلق بالقضايا الجنائية، لم يقتصر واجب المسؤولين البريطانيين فقط على المحكمة والفرد قيد المحاكمة، لكن كان عليهم أيضًا مراعاة مسؤوليتهم تجاه حاكم البحرين، الذي ألزم البريطانيين بممارسة الولاية القضائية على الأجانب، لكي يتجنب الحاكم أي "مشاكل" من دول الجوار في منطقة الخليج.
في فبراير ١٩٣٣، قام الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية في البحرين، بيرسي جوردون لوك بطلب المشورة من المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ وتشارلز بلجريف بشأن قضية النجدي (مواطن من إحدى مناطق المملكة العربية السعودية حديثة التأسيس) الذي قتل إحدى الرعايا البحرينيين بعد مشاجرة على بضعة أنَّات هندية.
لم يرى بلجريف، مستشار شيخ البحرين، أية خطورة في إعلان الوكيل عن حكم الإعدام. ومع ذلك، إنه من المثير للإنتباه أن الوكيل ما زال يشعر بالحاجة إلى التحقق مما إذا كانت هناك أية تداعيات سياسية محتملة - مثلما يرى شيخ البحرين - فيما يتعلق بإعدام مواطن نجدي من قبل البريطانيين في البحرين.
ظلت الولاية القضائية البريطانية في البحرين، والتي كانت تُمارس بموجب مرسوم ملكي، مطبقة حتى ١٥ أغسطس ١٩٧١، عندما أعلنت البحرين رسميًا عن استقلالها عن بريطانيا.