عرض عام
تتمتع مجموعة المخطوطات العربية في المكتبة البريطانية بإشادة عالمية باعتبارها واحدة من أكبر وأرقى المجموعات في أوروبا وأمريكا الشمالية، حيث تضم قرابة ١٥،٠٠٠ مخطوطة مصنفة في نحو ١٤،٠٠٠ مجلد. وتتألف المجموعة من اثنين من المجموعات التاريخية: المخطوطات العربية الموجودة في مكتبة المتحف البريطاني القديم وتلك الموجودة في المكتبة التابعة لمكتب الهند، والتي كانت جزءًا من وزارة الخارجية البريطانية سابقاً.
نطاق المجموعة
تحظى هذه المجموعة بشهرة عالمية لسببين؛ محتوياتها، وتنوع موضوعاتها، إذ تحتوي المجموعة على تشكيلة من أروع المخطوطات النفيسة للقرآن الكريم، وكذلك نسخ موقَعة عالية الجودة من الأعمال القانونية والتاريخية والأدبية والعلمية المهمة. كما تتسم موضوعات المجموعة بتنوعها الكبير، حيث تغطي علوم القرآن والتفسير والحديث وعلم الكلام والفقه الإسلامي والتصوف والفلسفة والنحو وفقه اللغة العربية والمعاجم والشعر وأنواع الأدب الأخرى، والتاريخ والطوبوغرافيا والسير والموسيقى وغيرها من الفنون والعلوم والطب والنصوص المتعلقة بالدروز والبهائيين والأدب المسيحي والأدب اليهودي، وغيرها من الموضوعات مثل السحر والرماية والصيد بالصقور وتفسير الأحلام.
بدءاً من باكورة القرن الثامن وحتى القرن التاسع عشر الميلادي، تم الاستحواذ على المخطوطات من كل من الدول العربية ودول أخرى بها جاليات عربية وإسلامية مثل الهند والصين وإندونيسيا وماليزيا وغرب أفريقيا، حيث تُبرز تلك المخطوطات تنوعًا رائعًا في الأسلوب والكتابة.
مجموعات التأسيس
من بين المجموعات الخاصة المتوفرة لدى مقتنيات المكتبة البريطانية في الوقت الحاضر مجموعات تأسيس المتحف البريطاني في سنة ١٧٥٣ والتي اشتملت على مجموعات العالم الفيزيائي السير هانز سلون (١٦٦٠- ١٧٥٣)، حيث تتضمن تلك المجموعات حوالي ١٢٠ مخطوطة عربية، ومجموعة كلوديوس جيمس ريتش (١٧٨٦ -١٨٢١) التي اشتراها المتحف البريطاني في سنة ١٨٢٥ ومجموعة ريتشارد جونسون (١٧٥٣ -١٨٠٧) التي اشترتها شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا في ١٨٠٧. وهذه أمثلة نموذجية للطريقة التي جاءت بها تلك المخطوطات إلى المكتبة، سواءً عن طريق الهدايا أوعن طريق شرائها من الأشخاص الذين عملوا في الهند أو الشرق الأوسط لصالح بريطانيا بصفة رسمية. كان ريتش مقيمًا في بلاط الباشا لقب عثماني كان يُستخدم عقب أسماء بعض حكام الأقاليم وكبار المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين. في بغداد حيث كان في وضع يؤهله لإتقان اللغات الشرقية ولجمع مجموعة تضم ٣٩٠ مخطوطة من المخطوطات العربية. هذا وقد تمكن جونسون من خلال عمله لدى شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا في لكناو وحيدر آباد من إقامة علاقات وطيدة مع كبار الفنانين والكُتاب والتي حصل من خلالهما على مجموعة فريدة من المخطوطات.
وكان وارين هاستينجز (١٧٣٢ - ١٨١٨)، والنقيب روبرت تايلور (١٧٨٨ - ١٨٥٢) من بين موظفي الحكومة الآخرين الذين تمتعوا بوضع مؤهل، حيث عمل هاستينجز في الخدمة المدنية البنغالية (١٧٥٠ - ١٧٨٥) وكان أيضًا حاكم البنغال (١٧٧٢)، ثم الحاكم العام للبلاد (١٧٧٣ - ١٧٨٥). وقد أنفق هاستينجز أموالاً طائلة على تكوين مجموعته كي يستفيد منها إبان عمله في الهند. حتى وإن كانت مجموعته لا تضاهي مجموعة جونسون، إلا أنها تحتوي على العديد من الأعمال الهامة وبعض المخطوطات الفارسية التي تتضمن رسومات توضيحية دقيقة. من ناحية أخرى، كان تايلور لغوي بارع وعمل في بوشهر وطهران والبصرة قبل أن يخلف ريتش كمقيم سياسي في بغداد. وفي١٨٦٠، قام زوج ابنته ت. ك. لينش ببيع مجموعته التي تضمنت ٢٤٦ مخطوطة عربية إلى المتحف البريطاني.
ثم أضيفت اثنين من المخطوطات الهامة الأخرى إلى مجموعات المخطوطات العربية بعدما حصلت المكتبة البريطانية عليهما من جامعون للمخطوطات في المملكة المتحدة. كان توماس هوارد (١٥٨٦ -١٦٤٦)، الإيرل الثاني لأروندل، سياسي و من جامعون الأعمال الفنية حيث جمع ٥٥٠ مخطوطة موجودة الآن في المكتبة البريطانية، منها ٤٣ مخطوطة عربية أهديت إلى الجمعية الملكية واشتراها منها المتحف البريطاني في سنة ١٨٣١. هذا وقد قام جورج الرابع (١٨٢٠ - ١٨٣٠) بنقل مجموعة مخطوطات الملك جورج الثالث ( حكم من ١٧٦٠ - ١٨٢٠)، التي تتضمن سبعة مخطوطات عربية، إلى المتحف البريطاني في ١٨٢٣.
نود الإشارة في النهاية إلى أن تلك المخطوطات تمثل ما تبقى من المكتبة الملكية لأباطرة المغول في ١٨٥٨. وقد وصف الرحّال ماندلسلو محتويات هذه المخطوطات في سنة ١٦٣٨ قائلاً "أربعة وعشرين ألف مخطوطة، بلغت قيمتها أرقامًا فلكية لدرجة أنها قُدرت بستة ملايين وأربعمائة ثلاث وستون ألف وسبعمائة وواحد وثلاثون روبل". وخلال الفترة بين ١٦٣٨ و١٨٥٨ تم إهداء عدة مخطوطات من مكتبة المغول إلى رؤساء الدول وغيرهم من الأشخاص المرموقين رفيعي المستوى، وفي أوائل ١٨١٠ وقع العديد منها في أيدي هواة جمع التحف. اشترت الحكومة في الهند مخطوطات المكتبة الملكية في ١٨٥٩ بمبلغ ١٤،٩٥٥ روبية عملة فضية هندية كانت تُستخدم بشكلٍ واسع في الخليج العربي. . وبعد بيع قرابة ١،١٢٠ مجلدًا، تم نقل الباقي إلى مكتب الهند إدارة الحكومة البريطانية التي كانت الحكومة في الهند ترفع إليها تقاريرها بين عامي ١٨٥٨ و١٩٤٧، حيث خلِفت مجلس إدارة شركة الهند الشرقية. في ١٨٧٦.
تكوين المجموعة
تكونت المجموعة على مر القرون القليلة الماضية بطريقة استثنائية. إذ يرجع تطورها المبكر في الأساس إلى نمو التجارة البريطانية والمصالح السياسية في كل من منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي أجمع، لا سيما في شبه القارة الهندية، ويعكس تطورها الاهتمام الأوروبي الكبير بالدراسات الشرقية إبان القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث يعكس حجمها وتنوعها العملية التي تم من خلالها زيادة عدد من المجموعات الخاصة التي كونها المسؤولون والمبشرون والباحثون والرحالة بفعل عمليات الاستحواذ الأخيرة التي قام بها أمناء المتحف البريطاني والمكتبة البريطانية لتشكيل مجموعة عامة ضخمة ومصدر دولي مميز.
تتوفر المزيد من المعلومات حول المخطوطات العربية وفهارسها على موقع الإنترنت الخاص بالمكتبة البريطانية.