أولوية الشحن الجوي لخدمة أول دار سينما في البحرين

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

مع ازدهار صناعة النفط في البحرين أوائل الثلاثينيات، مارس عمال النفط في بابكو وغيرهم الضغط لإنشاء أول دور للسينما.

مع ازدهار صناعة النفط في البحرين أوائل الثلاثينيات، زادت فرص العمل في هذا الميدان مما أدى إلى زيادة توقعات العمال في شركات مثل شركة البحرين المحدودة للبترول (بابكو) للإستمتاع بأوقات فراغهم.

أسست شركة كاليفورنيا للزيت القياسي شركة بابكو سنة ١٩٢٩، حيث قامت بأول اكتشاف للنفط في البحرين سنة ١٩٣٢ وأول شحنه من النفط الخام في ١٩٣٤، وفي الواقع بدأت المناقشات منذ ١٩٣٤ وما بعدها بشأن اقتراح إنشاء دار للسينما وكان الهدف بالطبع ترفيه موظفي بابكو في أوقات فراغهم.

مواجهة الرقابة

بيد أنه قبل أن يتم إنشاء دار للسينما، أُثيرت تخوفات بشأن ما يُعرض. التقى الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية بالبحرين، المقدم بيرسي جوردون لوك مع مستشار حكومة البحرين، تشارلز دالريمبل بلجريف، ليقترح إنشاء قاعة سينما عامة في المنامة وسينما للموظفين في معسكر بابكو. عبّر بلجريف عن قلقه في خطاب مؤرخ ٩ أبريل ١٩٣٤ قائلاً "سوف تكون الرقابة صارمة حتى إني أشك في إمكانية الحصول على عدد كافٍ من الأفلام المناسبة الجديرة بالعرض".

"لا أعتقد أنه يمكننا العيش هنا في معزل عن العالم": الشاشات الأولى

بعد عام وفي أبريل ١٩٣٥، أخبر بلجريف الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية بأن حكومة البحرين منحت الإذن لبابكو بافتتاح دار سينما في ناديها، ولكن فقط لعرض الأفلام لموظفيهم البريطانيين والأمريكيين. وتم منح حق الرقابة لحكومة البحرين.

كما أضاف في خطاب أرسله في ٣١ مايو ١٩٣٦ "لا أعتقد أن البحرين متقدمة في الوقت الراهن بما يكفي لإنشاء دار سينما بها". ومع ذلك بقي الطلب على إقامة دار سينما عام، حيث تحدث العديد من رجال الأعمال المحليين مع لوك بشأن افتتاح دار سينما مما أقنعه عن إمكانية إقامة دار سينما تجارية.

هارولد ويليام هايلستون، سينما مكشوفة في الهواء الطلق في البحرين، الخليج العربي، ١٩٤١-١٩٤٤. حقوق النشر لمتاحف الحرب الملكية، لندن (Art.IWM ART LD 5268).
هارولد ويليام هايلستون، سينما مكشوفة في الهواء الطلق في البحرين، الخليج العربي، ١٩٤١-١٩٤٤. حقوق النشر لمتاحف الحرب الملكية، لندن (Art.IWM ART LD 5268).

في خطاب مؤرخ ٣ يونيو ١٩٣٦، طلب الدعم من المقيم السياسي الممثل الرئيسي للمقيمية البريطانية في الخليج وهي الذراع الرسمي للامبراطورية البريطانية من ١٧٦٣ إلى ١٩٧١ في بوشهر قائلاً إنه رأى دوراً للسينما في مناطق أخرى من شبه الجزيرة العربية و "لم تُسمع أبداً شكوى ضد الأفلام من الناحية الأخلاقية أو الدينية" واختتمه بقوله "لا أعتقد أنه يمكننا العيش هنا في معزل عن العالم".

دليل المراقبين والطلب على المزيد من الشاشات

رغم اقتناع لوك بهذا المشروع، إلا أن الموقف السياسي استلزم نهجاً تجاه الرقابة. حُلت مشكلة إيجاد إرشادات للرقابة بعد إدخال "دليل مجلس مراقبي البنغال ١٩٣٦" الذي أوصت به الحكومة في الهند في يونيو ١٩٣٦، وأُرسلت نسختان على الفور من بومباي مما فتح الباب لتأسيس أول شاشة سينما في البحرين.

شهادة أولوية لنقل الأفلام السينمائية جواً. IOR/R/15/2/445, ص. ٥
شهادة أولوية لنقل الأفلام السينمائية جواً. IOR/R/15/2/445, ص. ٥

اكتمل بناء السينما وبدأت عروضها في أغسطس ١٩٣٨، ولكن اقتصرت على البريطانيين والأمريكيين فقط.

تعززت الدعوة لسينما مفتوحة للجميع في البحرين عندما أرسل الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية شكوى إلى المقيم من السيد س.م.ج بادشاه في ٢٩ سبتمبر ١٩٤٦ مفادها أن البحرين تنقصه وسيلة تسلية عامة للأجانب كالهنود مثلاً، واقترح افتتاح سينما جديدة تعرض الأفلام الهندية - إضافة إلى العربية - وبعض الأفلام الإنجليزية أيضاً.

١٢٠ كجم أفلام في الأسبوع

وإستمر نمو هذا الطلب على الأفلام لتلبية احتياجات جميع الجاليات المختلفة في البحرين. ومن سنة ١٩٤٦ وما بعدها، كان يجري عرض الأفلام في قاعات متعددة مثل نادي البحرين والقصر الملكي في القضيبية والعديد من المدارس والمساكن الخاصة. كان نطاق الأفلام المعروضة شاسعاً جداً وضم الأفلام القصيرة من إنتاج والت ديزني ستوديوز وأفلام الحرب والكلاسيكيات الرائعة مثل لاسي إرجعي للبيت، الزرنيخ والدنتلة القديمة، صندوق السراتوجا، وامرأة من شنغهاي.

في الحقيقة، أصبحت هذه الأعمال بالغة الأهمية بحلول ١٩٤٥ حيث منحت هيئة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار لبابكو شهادة أولوية لاستيراد ١٢٠ كجم من الأفلام - عن طريق الشحن الجوي - في الاسبوع من كراتشي، مما قضت على مشكلة تأخر الشحنات. وبهذا تطور أحد المقترحات المتواضعة بإنشاء دارين للسينما في البحرين ليصبح عملاً مربحاً في وقت قصير نسبياً.