حركة التجار سعيًا وراء الربح: انسحاب الإنجليز من بوشهر

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

تعتبر مغادرة شركة الهند الشرقية من بوشهر في ١٧٦٩ أحد الأمثلة لإستيطان وإنتقال مجموعات التجار على طول ساحل الخليج خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر بقدرة عالية من التكيف، حيث كانوا يذهبون إلى حيث يمكنهم ممارسة أعمالهم بحُرية.

في صيف سنة ١٧٦٧، وبعد أربع سنوات فقط من تأسيس مقيمية مكتب تابع لشركة الهند الشرقية، ومن ثمّ للراج الهندي، أُسِّس في الأقاليم والمناطق التي كانت تُعتبر جزءًا من الهند البريطانية أو ضمن نطاق نفوذها. شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا في بوشهر، كتب المقيم ويليام بويير إلى بومباي شاكيًا من "الكساد الكلي لجميع الأعمال".

أغلق كريم خان زند حاكم فارس الطرق الموصلة إلى بوشهر من جبال زاغروس إلى الشمال الشرقي في محاولة لإجبار شيوخ الميناء بالخضوع لحكمه، فغادر كثير من التجار البلدة مفضلين العودة إلى شيراز حيث ما زالت التجارة مزدهرة. وشعر الأنجليز أنه تقطعت بهم السبل.

استراتيجية الخروج

غضب هنري مور، الوكيل في البصرة والمشرف على بويير، من تصرفات خان، كما أنه قلق على قوة أرباح الشركة، فكتب إلى المقيم البريطاني مبينًا خطة الانسحاب من بوشهر. حيث تم تقديم الشروط التي تحمي تجارة شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا ومميزاتها في المنطقة إلى الخان في شيراز.

وكتب مور أنه في حال رفضها فإنه قد أعطى أوامر لبويير بترك البلدة والتوجه على الفور إلى جزيرة خرج، موطن الشيخ العربي الذي يحظى بسلطة متزايدة والذي لا يمكن التنبؤ بخطواته الخطرة - مير مهنا - أحد ألد أعداء كريم خان.

تفاصيل "اقتباس من خطاب مُرسل من هنري مور إلى ويليام بويير يأمره فيه بالاستعداد للانسحاب من بوشهر". IOR/R/15/1/1، ص. ٢٤٦
تفاصيل "اقتباس من خطاب مُرسل من هنري مور إلى ويليام بويير يأمره فيه بالاستعداد للانسحاب من بوشهر". IOR/R/15/1/1، ص. ٢٤٦

ديناميكيات الخليج العربي

لم يكن تغيير الولاء والموقع من الأمور نادرة الحدوث في الخليج خلال هذه الفترة وبخاصة بين مجموعات التجار. حيث ترك الهولنديون بندر عباس متوجهين للخرج في خمسينيات القرن الثامن عشر بسبب عدم الاستقرار، وانضم التجار العرب للإنجليز في الهجرة إلى الكويت خلال حصار كريم خان للبصرة سنة ١٧٧٥، واستُقطب تجار اللؤلؤ إلى الزبارة بفضل انخفاض الضرائب هناك خلال ذات العقد، وكان التجار والسماسرة من شبه القارة الهندية يجيئون ويذهبون حيثما أمكن جمع المال.

فظلت هذه السيولة لمجموعات التجار - المتجهين إلى حيث كانت الضرائب منخفضة والاستقرار مترسخًا - من ديناميكيات تاريخ الخليج وحوض المحيط الهندي الأوسع نطاقًا لقرون عديدة. وكانت هذه ميزة خاصة بفترة الاضطرابات التي بدأت فيها سجلات بوشهر. كانت شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا مجرد مجموعة واحدة من بين مجموعات كثيرة في فئة تجارية مرنة التي سعت وراء الربح حيثما تمكن إيجاده بسهولة.

صورة لبندر عباس التقطها كورنيليوس دي بروين، ١٧٠٤.
صورة لبندر عباس التقطها كورنيليوس دي بروين، ١٧٠٤.

نموذج لشركات متعددة الجنسيات

ظل هذا هو الحال حتى بدأ البريطانيون - الذين كانوا يحكمون قبضتهم على الهند - فرض أنفسهم على منطقة الخليجمن خلال قوتهم البحرية منذ عشرينات القرن التاسع عشر وما بعدها، وهذا حقق بعض الاستقرار للمنطقة ودعَم الحكام الذين كانوا في السلطة في ذلك الوقت.

يشير هذا المثال إلى إحدى الموروثات الأكثر ديمومة للإمبريالية. الدعم العسكري والمعنوي لشركات مثل شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا أدى إلى خلق نمط عالمي من الرأسمالية و الذي يتجاوز قوة الدولة القومية في الوقت الحالي. ويمكن رؤية ذلك في الشركات متعددة الجنسيات في يومنا هذا - وهي مجموعات تظهر عليها ذات الحركية التي كانت لدى التجار في الخليج منذ مائتي عام - وكذلك في الحروب الدولية التي تشترك فيها.

وبالتأكيد، لم تكن شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا لتبلغ القوة التي وصلت إليها وقتها من دون دعم عسكري. ولكن هذا كان من خلال الجمع بين المشاركة العسكرية المتزايدة بالإضافة إلى استجابتها الديناميكية لأجواء التجارة، مما جعل شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا أكثر قوة من بقية التجار المنافسين في الخليج وبخاصة بوشهر.

التجارة حيثما أمكن

رغم الكساد في التجارة، لم يحدث أي انسحاب من بوشهر في ١٧٦٧، حيث نوقش هذا الأمر مرة أخرى بعد عام، وأصبح الموقف أكثر تقلبًا مع خوف الإنجليز من التعرض لهجمات من اتجاهات متعددة.

في النهاية وفي أوائل ١٧٦٩، تركت شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا بوشهر رغم عودتها في أبريل ١٧٧٥ بعد التوافق مع كريم خان والذي كان حينها قد قام بتسوية خلافاته مع شيوخ بوشهر.

تقدم لنا المراسلات خلال هذه العقود تفسيرات لأوقات الرخاء والشدائد والانتقالات التي قامت بها شركة الهند الشرقية؛ وما هي إلا مجموعة واحدة بين مجموعات كثيرة كانت تحاول كسب الربح من خلال التجارة حيثما أمكن ذلك بطول ساحل الخليج.