كيف أدت الحرب الأهلية الأمريكية إلى ازدهار القطن في بلاد فارس

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

أثناء الحرب الأهلية الأمريكية (١٨٦١-١٨٦٥) تقلصت توريدات القطن التي تذهب إلى مصانع الغزل والنسيج البريطانية مما أدى إلى ازدهار في الإنتاج في مكان آخر بالإمبراطورية.

في ستينيات القرن التاسع عشر، كان القطن من الواردات الرئيسية التي تشغّل مصانع الغزل والنسيج البريطانية التي لا تكف عن العمل. وكانت معظم توريدات القطن الخام تأتي من أمريكا. ولكن أثناء الحرب الأهلية الأمريكية (١٨٦١-١٨٦٥) توقفت زراعة القطن الخام وشحنه. وكان على البريطانيين البحث عن موارد جديدة لمصانعهم، لهذا تحولوا إلى الهند لتدبير احتياجاتهم.

Cudu-pariti, Hortus Indicus Malabaricus, a cotton Plant indigineous to India. Creative Commons (Wellcome Collection)
Cudu-pariti, Hortus Indicus Malabaricus, a cotton Plant indigineous to India. Creative Commons (Wellcome Collection)

في سنة ١٨٦٠، كانت الهند تورّد ٣١% من واردات القطن البريطانية، ولكن اندلاع الحرب في أمريكا جعل هذه التوريدات تتعاظم لتصل إلى ٩٠% في سنة ١٨٦٢. ورغم هبوطها نوعًا ما في أواخر سنوات الحرب، إلا أن مزارعي القطن في الهند كانوا ما يزالون يوردون ٦٧% من واردات القطن البريطانية آنذاك.

لكن الهند وحدها لم تتمكن من توريد كل القطن اللازم لبريطانيا. وهذا زاد من سعر القطن بدرجة كبيرة حتى أصبح جديرًا بالاهتمام لدى دول مثل بلاد فارس في بداية تصدير قطنها إلى بريطانيا. في السابق كان مزارعو القطن في بلاد فارس يوردون فقط لتغطية الطلب المحلي والإقليمي حيث كان التصدير يكلف كثيرًا.

التأثير المتتابع

كان لتوسع زراعة القطن الفارسي تأثير متتابع في أرجاء الخليج. ففي حين توقف المزارعون الفارسيون عن زراعة الذرة لأجل زراعة القطن، بدأ المزارعون في أماكن أخرى بساحل الخليج يشهدون ارتفاعًا في قيمة الذرة. ونتيجة لذلك أصبح مزارعو الخليج يهتمون بزراعة الذرة مما أدى إلى ظهور أسواق جديدة.

خطاب من لويس بيلي المقيم السياسي في الخليج الفارسي إلى تشارلز جون، سكرتير الحكومة في بومباي - ١٢ مايو ١٨٦٦ - يبلغ عن التأثير المتواصل في الخليج وبلاد فارس لأزمة القطن في بومباي. Mss Eur F126/38، صص.٩٦–٩٧
خطاب من لويس بيلي المقيم السياسي في الخليج الفارسي إلى تشارلز جون، سكرتير الحكومة في بومباي - ١٢ مايو ١٨٦٦ - يبلغ عن التأثير المتواصل في الخليج وبلاد فارس لأزمة القطن في بومباي. Mss Eur F126/38، صص.٩٦–٩٧

المكاسب المحققة لبلاد فارس

كان الزخم الناتج عن الحرب الأهلية بالنسبة إلى بلاد فارس كبيرًا. فبحلول سنة ١٨٦٤، كانت بلاد فارس قد شحنت بالفعل ما يعادل ٤٢٠ ألف رطل من القطن الخام إلى بريطانيا وتوقعت تسويق عشرة أضعاف هذه القيمة في الموسم التالي. وكان سعر القطن حينها مرتفعًا جدًا حتى إن شحن القطن لمسافة ١٣٠٠ ميل على ظهور البغال من مناطق بعيدة مثل أذربيجان وخرسان إلى بوشهر لتصديره بات مربحًا.

معلومات إحصائية قدمها لويس بيلي إلى حكومة بومباي بشأن تصدير القمح من بوشهر إلى بريطانيا.
معلومات إحصائية قدمها لويس بيلي إلى حكومة بومباي بشأن تصدير القمح من بوشهر إلى بريطانيا.

نهاية ازدهار القطن الفارسي

مع ذلك، كانت هناك مشاكل في شحن القطن عبر بوشهر، لاسيما الاعتماد على العلاقات الطيبة بين المقيم البريطاني والسلطات الفارسية. وللتشجيع على التجارة، كان يتعين إبقاء الضرائب والمستحقات في معدلات معقولة. كما لعبت العوامل البيئية دورًا رئيسيًا - فكانت هجمات الجراد شائعة نوعًا ما في هذه المنطقة كما أن موسمًا واحدًا بلا أمطار كان كافيًا لأن يجعل المزارعين يتوقفون عن زراعة القطن ويعودون إلى زراعة الكفاف بدلًا عنه.

مع أواخر ستينيات القرن التاسع عشر، أصبحت المجاعة والجفاف أكثر شيوعًا. عندما ترك لويس بيلي موقعه كمقيم سياسي في الخليج الفارسي المصطلح التاريخي المستخدم للإشارة إلى المسطح المائي الذي يفصل بين شبه الجزيرة العربية وإيران. سنة ١٨٧٢، كانت المجاعة قد اشتدت قسوة حتى كادت تجارة القطن الفارسي كلها من التوقف. وكان السوق في بوشهر يتعامل فقط مع عيش "الكفاف" وكان المزارعون بالكاد يزرعون ما يكفي لإطعام عائلاتهم. فانتهى الازدهار المربح الوجيز بالقطن الفارسي بحسم، ولكن السوق الفارسي كان سيبقى بلا ريب قيد سوق الازدهار والكساد العالمي نظرًا لعلاقته مع الإمبراطورية البريطانية.