امتياز النفط القطري يستهل عهداً جديداً في العلاقات البريطانية مع الدوحة

اقتبس هذه المقالة

عرض عام

تم حفر الآبار الاستكشافية القطرية في وقت متأخر نسبياً بالرغم من أن الرائد فرانك هولمز سعى عقد إيجار استكشافي في ١٩٢٢.

مُنح أول ترخيص للتنقيب عن النفط لشركة النفط الأنجلو-فارسية من حاكم قطر الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني في ١٩٣٢، ولكن لم يتم تفعيل عملية الاستخراج إلا بعد عدة سنوات من الحرب العالمية الثانية.

عقود إيجار استكشافية: السعي وراء النفط في الخليج

تم حفر الآبار الاستكشافية القطرية في وقت متأخر نسبياً، بخاصة عند النظر إلى أن التنقيب عن النفط بدأ بالفعل في عشرينيات القرن العشرين وقبل ذلك في معظم الحالات في غالبية الدول الأخرى بالشرق الأوسط. على سبيل المثال: أعمال التنقيب بالبحرين في ذلك الوقت كانت قد إنتهت باكتشاف النفط سنة ١٩٣١.

ورغم اكتشاف النفط في إيران في بداية القرن العشرين، لم يتعمق الاهتمام البريطاني بامتيازات النفط إلا في عشرينيات القرن العشرين. ففي ١٩٢٢، بدأ الرائد فرانك هولمز البريطاني النيوزيلندي المعروف باسم أبو النفط بالبحث عن عقد إيجار استكشافي في قطر. وقد منح الشيخ عقد إيجار سنة ١٩٢٦لشركة دا آرسي للتنقيب المملوكة لبريطانيا وهي شركة تابعة لشركة النفط الأنجلو-فارسية وأساس شركة بريتيش بتروليوم (بي بي).

ولا يسعنا إلا التخمين بشأن ما كانت هي حركات التنقيب التي تم المضي فيها بحثاً عن النفط قبل هذا التاريخ - إن وُجدت. ولكن من الواضح أن شركة النفط الأنجلو-فارسية قد وافقت بالقيام بتنقيب جيولوجي للبلاد في مقابل الحق المنفرد بالتقدم بطلب الحصول على امتياز.

ولم تتنامى أهمية النفط كمصدر من مصادر قطر إلا بعد أزمة صناعة استخراج اللؤلؤ التي نتجت بشكل جزئي عن إدخال اليابان اللؤلؤ الصناعي إلى السوق. كما لعب هبوط قيمة السلع الثمينة بعد انهيار وول ستريت سنة ١٩٢٩ دوره في إعادة توجيه بوصلة الاقتصاد القطري نحو النفط.

رسمة تحضيرية توضح الطريق إلى الميناء في دوحة زكريت، ١٩٣٨. IOR/R/15/2/418، ص. ١٢٩و
رسمة تحضيرية توضح الطريق إلى الميناء في دوحة زكريت، ١٩٣٨. IOR/R/15/2/418، ص. ١٢٩و

تفاوض طويل

تم أداء التنقيب في أوائل سنة ١٩٣٣ من قبل اثنين من الجيولوجيين البريطانيين وهما يوجين ويسلي شاو وب. ت. كوكس، حيث وجدا أن التركيبات الصخرية لأعلى تل في قطر بها تشابه مع الصخور الموجودة في حقل النفط المُكتشف في البحرين. كان لا بد من تمديد أول ترخيص مُنح للتنقيب سنة ١٩٣٢ الدة ثمانية أشهر حتى ١٩٣٣، ثم وافقت شركة النفط الأنجلو-فارسية على الصفقة بعد مفاوضات طويلة سنة ١٩٣٥ بالتوقيع على امتياز للنفط مدته خمس وسبعين سنة. والذي ساعد المفاوضات بجزء لا يستهان هو العرض البريطاني بالحماية العسكرية على الحاكم السعودي - ابن سعود - في مقابل الحقوق الحصرية بالتقدم للحصول على امتياز النفط.

برقية من المقيم السياسي لنائب القنصل في المحمرة تبلغ بالتوقيع على الاتفاقية، ٣٠ أبريل ١٩٣٥. IOR/R/15/2/416، ص. ٢٣٦و
برقية من المقيم السياسي لنائب القنصل في المحمرة تبلغ بالتوقيع على الاتفاقية، ٣٠ أبريل ١٩٣٥. IOR/R/15/2/416، ص. ٢٣٦و

الحرب العالمية الثانية

بعد أداء أعمال التنقيب الأولية لتحديد أنسب نقطة للحفر، تم اكتشاف النفط باليابسة سنة ١٩٣٩ في جبل مدينة الدخان على الساحل الجنوب غربي في قطر. وفي ١٩٤١، عُثر على النفط أيضاً في بئر ثانٍ يبعد عشرة أميال عن جنوب البئر الأول الذي تم افتتاحه سنة ١٩٣٩.

الحرب العالمية الثانية تعيد تحديد الأولويات: في خطاب مؤرخ ١٤ يناير ١٩٤٠ مُرسل إلى الشيخ لتهنئته على اكتشاف النفط في قطر، كتب الوكيل السياسي مبعوث مدني رسمي من الامبراطورية البريطانية هيو ويتمان:

وللأسف الشديد نجد أنه لا بد لعمليات الشركة من أن تتأجل بسبب الحرب التي شُنت علينا من طرف هتلر والحكومة الألمانية. ويجب أن نأمل نيل النصر في وقت سريع حتى تعود المياه إلى مجاريها في العالم كله.

خطاب من الوكيل السياسي للشيخ لتهنئته على اكتشاف النفط في قطر، ١٤ يناير ١٩٤٠. IOR/R/15/2/418، ص. ٢٤٣و
خطاب من الوكيل السياسي للشيخ لتهنئته على اكتشاف النفط في قطر، ١٤ يناير ١٩٤٠. IOR/R/15/2/418، ص. ٢٤٣و

في ديسمبر ١٩٤٢، أُغلق المعسكر الموجود في مدينة دخان وتم إيقاف العمليات في قطر. وبررت الحكومة البريطانية قرارها لشيخ قطر على أساس "تواجد قوة قاهرة".

خلال فترة الوقف للعمليات التي استمرت حتى أوائل ١٩٤٧، استمر حصول الشيخ على ٣٠٠٠٠٠ روبية عملة فضية هندية كانت تُستخدم بشكلٍ واسع في الخليج العربي. كل سنة إضافة إلى العديد من الرواتب ولكن هذا لم يكن كافياً للتغلب على المصاعب المالية التي تواجهها البلاد. كان الاقتصاد ضعيفاً والبلاد فقيرة وهجرها سكانها. كما كانت الأجواء السياسية متأججة نتيجة لنشوب نزاع بين العائلة الحاكمة في البحرين - آل خليفة - بشأن السيادة على الزبارة شمال شبه الجزيرة. لقد كانت الأزمة كبيرة جداً لدرجة أن الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني اضطُر لرهن داره.

ولكن الموقف كان على وشك التغير. حيث لم يُعاد بدء التنقيب والحفر والاستخراج البحري وبناء البنية التحتية إلا سنة ١٩٤٧، وما بين ديسمبر ١٩٤٧ وأبريل ١٩٤٨ أُجري مسح جيولوجي جديد بهدف تأسيس معسكر جديد. وفي النهاية في ديسمبر ١٩٤٩، بدأت صادرات النفط وهو حدث دشن بداية عهد جديد لقطر.